كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرامًا} وصفة أخرى من صفات عباد الرحمن.
إنهم لا يشهدون الزور، أي لا يحضرون مجالس الفحش، والهجر، ولا يستمعون لمقالات الكذب والبهتان، وإنهم إذا وقع لهم في طريقهم مشهد من مشاهد العبث واللّهو، لم يقفوا عنده، ولم يلقوا بآذانهم، أو أبصارهم إليه، بل مرّوا به وهم كرام مترفعون بإيمانهم، وبمروءاتهم، عن أن يشاركوا في هذا الباطل من قريب أو بعيد!- {وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْيانًا}.
وصفة سادسة من صفات عباد الرحمن، وهي أنهم يحيون مع آيات اللّه حياة عاقلة واعية، ويعايشونها معايشة ودودا طيبة، فإذا قرءوا، وسمعوا آيات اللّه تتلى عليهم، أعطوها عقولهم وقلوبهم، وفقهوا ما تتسع له عقولهم وقلوبهم من نورها، وهديها، وهذا غير ما يلقى به الغافلون والجاهلون آيات اللّه، حيث يخرون بين يديها كما يخر عابد الوثن على وثنه، من غير أن يكون معه نظر أو رأى، فيما هو عاكف عليه.
فآيات اللّه لا تسمع الصم، ولا تهدى العمى، وإنما تهدى من نظر إليها بعقله، وأعطاها وجدانه ومشاعره، وعندئذ يؤذن له بأن يجنى من ثمارها، ويقطف من زهرها، وينشق من طيبها.
ومن هنا، كان واجبا على المسلم أن يطلب العلم، والمعرفة، حتى يأخذ حظه من النظر في آيات اللّه، وحتى ينتفع بهديها، ويستضىء بنورها، وإلا فإنه أشبه بالأعمى الذي يستوى عنده طلوع الشمس ومغيبها، واللّه سبحانه وتعالى يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ} [43: العنكبوت].
ويقول سبحانه: {إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} [28 فاطر] إذ لا خشية للّه إلا عن علم بجلاله، وعظمته، وعلمه، وقدرته، ولا علم إلا مع أهل العلم! {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِمامًا أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلامًا خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقامًا}.
وصفة سابعة من صفات عباد اللّه الرحمن: إنهم أهل صلاح وتقوى، ومن تمام صلاحهم وتقواهم أن يكون أزواجهم وأولادهم- وهم بعض منهم- عى حال من الصلاح والتقوى، أقرب إليهم، وأشبه بهم، حتى يأتلف جمعهم، وتتوحد مشاعرهم، ولا يقع في محيطهم ما يثير شقاقا، أو يبعث ألما وحسرة، لخلاف زوجة، وضلال ولد، فإن هذا من شأنه أن يجور على صلة المؤمن بربه ويشغله كثيرا أو قليلا عن ذكره، ومن هنا كان من دعاء المؤمنين: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحًا تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} [15: الأحقاف].
وكان مما امتن به اللّه سبحانه وتعالى على بنى كريم من أنبيائه، هو زكريا عليه السلام- أن وهب له الولد الصالح، وأن أصلح له زوجه، كما يقول سبحانه: {فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ} [90: الأنبياء] {وقرة الأعين} ما تقرّ به، وتطمئن، وذلك لا يكون إلا عن هدوء النفس، واطمئنان القلب، وراحة الضمير، الأمر الذي يجعل العين تنظر إلى الحياة نظرا هادئا مطمئنا، أما المذعور الخائف المضطرب، فإنه ينظر بعين زائغة مضطربة، ومن هنا كان للعيون لغتها التي يعرفها أهل البصيرة والرأى، حيث يكون للرضا نظرة، وللغضب نظرة، وللحب نظرة، وللبغض نظرة. وهكذا تنطبع الأحاسيس والمشاعر على مرآة العين، كما تنطبع صور الأشياء على المرايا.
قوله تعالى: {وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ} أي ومما يدعو به عباد الرحمن ربهم، أن يجعلهم قدوة لأهل الإيمان، في الخير والإحسان، وأن تكون أعمالهم قائمة على طريق الحق والعدل، حتى يكونوا أسوة في الطريق إلى اللّه، وبذلك يكون لهم ثوابهم، وثواب من اقتدى بهم، على خلاف أهل الضلال، الذين يكون عليهم وزر ضلالهم، ووزر من ضل بضلالهم، وفي الحديث: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».
قوله تعالى: {أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا} الإشارة هنا إلى عباد الرحمن، الذين ذكرت أوصافهم في الآيات السابقة، فهؤلاء المكرمون من عباد اللّه، الذين أضافهم سبحانه وتعالى إليه، سيجزون الغرفة بما صبروا على التكاليف، والعبادات، وعلى مغالبة أهوائهم وشهواتهم، وإنه لولا الصبر لا نحلّت عزائمهم، وفترت هممهم، واختلّ توازنهم على الصراط المستقيم.
فبالصبر، استطاعوا أن يصمدوا أمام الشدائد، وأن يحتملوا ما يصابون به في أموالهم وأنفسهم، مستسلمين لأمر اللّه، راضين بقضائه، وبالصبر قهروا نوازع أهوائهم، فالصبر، هو زاد المؤمن على طريق الإيمان، وهو القوّة التي تشدّه إلى اللّه، وتمسك به على طريق الحق والخير.
والغرفة، أعلى مكان في الجنة، وهي في البيت أعلى موضع منه، وهي في الجنة ليست غرفة واحدة، وإنما هي غرفات، كما يقول اللّه تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ} وإنما أفردت هنا لأن المراد بها، المنزلة، أي يجزون المنزلة التي فيها الغرفة، وفيها الغرفات، لأنها جميعها في درجة واحدة.
قوله تعالى: {وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلامًا} أي أن الذين ينزلون بهذه الغرفة، هم في موضع احتفاء وتكريم، وأن مما يكون لهم فيها من صور الإحسان، أن تتردد عليهم الملائكة، وتغشى مجالسهم، بالتحية والسلام.
وفي ذلك ما فيه من أنس وروح لهم.
قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقامًا} أي أنهم ساكنون ووادعون في هذه الغرفة، سكون أمن وطمأنينة وقرار، لا يريدون التحول عنها، فقد حسن فيها مستقرّهم، وطاب فيها مقامهم.
هذا، ويلاحظ أن عرض صفات المؤمنين، الذين استحقوا، أن يضيفهم اللّه سبحانه وتعالى إليه، وأن ينزلهم منازل رحمته، وأن يكونوا عباد الرحمن- يلاحظ أن هذه الصفات لم تجىء مرتبة ترتيبا تصاعديا أو تنازليا، وذلك لغاية قصد إليها القرآن، كما سنرى.
فأول صفة لعباد الرحمن، أنهم {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا}.
فهذا هو الوجه الظاهر لإيمان المؤمنين. فيهم تواضع، وتعفف عن السّفه والفحش، وهذا حالهم مع الناس.
والصفة الثانية، هي حالهم مع اللّه، فهم يقطعون الليل عبادة وتسبيحا للّه، فيما بينهم وبين خالقهم.. {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيامًا}.
فالصفتان، تمثلان صورة كريمة للإنسان، الذي رضى عنه الناس، ورضى عنه ربّه، وتلك غاية ما يمكن أن يدركه أحسن الناس، وأكمل الناس.
والصفة الثالثة، خاصة بهم: إذ يطلبون لأنفسهم النّجاة من النّار، والخلاص من عذاب جهنم.
فقد أدّوا أولا حقّ اللّه عندهم لعباده، ثم أدّوا حقه لذاته، ثم طلبوا من اللّه ما هو مطلوب لهم..! {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقامًا} وهذه الصفات الثلاث، صفات وجوب، أي صفات عاملة، يقوم عليها سلوكهم.
ثم تأتى بعد ذلك صفة تجمع بين الإيجاب والسّلب، وهي أنهم يلزمون في الإنفاق طريقا بين الإسراف والتقتير، وهو التوسط والاعتدال بين الأمرين، وتلك صفة موجبة، متولدة من صفتين سالبتين، وهما الإسراف والتقتير.
وهما من صفات غير المؤمنين، من عباد الرحمن!.
ثم تجىء بعد ذلك صفة سلبية. هي في إيجابها صفة خاصة بغير المؤمنين، أو بالمؤمنين الذين ليسوا عبادا للرحمن.
فهم ليسوا ممن يدعون مع اللّه إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم اللّه إلا بالحق ولا يزنون، على حين أن من غير المؤمنين أو الذين ليسوا عبادا للرحمن، من يتصف بهذه الصفات كلها، أو بعضها.
ثم تأتى بعد ذلك صفة متولدة من حال، يذهب غير المؤمنين بشرّها، على حين لا ينال المؤمنين سوء منها، وتلك الصفة هي شهود مجالس الإثم واللغو.
فغير المؤمنين يعمرون هذه المجالس، ويطعمون من زادها الخبيث، والمؤمنون، عباد الرحمن، يعطونها ظهورهم، ويصمّون عنها آذانهم.
ثم تجىء صفة سلبية، يتصف بها عباد الرحمن سلبا، على حين يتصف بها الجاهلون من المؤمنين إيجابا..: {وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْيانًا}.
فعباد الرحمن، إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخرّوا عليها صمّا وعميانا، على حين أن المؤمنين الذين لم يدخلوا في عباد الرحمن، يخرّون عليها صمّا وعميانا.
ففى صفات السلب الثلاث هذه، تعريض بغير المؤمنين أصلا، وبغير المؤمنين الذين لم يكمل إيمانهم، ولم يصبحوا أهلا لأن يكونوا من عباد الرحمن.
ثم تختم هذه الصفات الإيجابية والسلبية التي وصف بها المؤمنون- تختم بهذا الوصف الذي تسوّى به صورتهم على أحسن حال وأكمله، حتى يصبحوا قدوة للناس في الخير والإحسان- {وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِمامًا} فهم على حال من الكمال الإنسانى، بحيث يكونون فيه أئمة، يدعون الناس إلى الهدى، ويقودونهم إلى البرّ والتقوى.
وارجع البصر كرة أخرى إلى هذه الآيات، وإلى سلاسة نظمها، وتدفّق سلسالها، وروعة بيانها، وصلصلة أنغامها، ثم استروح أنسام هذا الإعجاز الذي يطلع عليك، من هذا المنطق المحكم، الذي يستولى بسلطانه على كل نفس، وينفذ بقدرته إلى كل قلب.
فإنك إن فعلت- وخير لك أن تفعل- رجعت وملء إهابك خشوع وولاء، لآيات اللّه، ولكلمات اللّه، وكنت في هذا الموكب الكريم، الذي ينتظم عباد الرحمن، الذين إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا.. {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [109: الإسراء].
قوله تعالى: {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزامًا}.
وبهذه الآية تختم السورة، وهي إعلان عام للناس جميعا- مؤمنين وكافرين، مهتدين وضالين- إعلان لهم أنهم ما خلقوا إلا ليعبدوا اللّه، وأن من لا يعبد اللّه، فكأنه غير مخلوق، لأنه لم يؤدّ ما خلق له.
وعبأ بالشيء يعبأ به: إذا اهتمّ به، وعمل له حسابا، والعبء: الحمل الثقيل، من ماديات أو معنويات.
والمعنى: أنكم أيها الناس، إنما خلقتم لتعبدوا اللّه، وتسبّحوا بحمده، وأن من فاتته هذه الغاية، فقد سقط من حساب المخلوقات، فقيمتكم أيها الناس عند اللّه هي في عبادتكم له، واتجاه وجوهكم إليه، في السّرّاء والضّرّاء، وأنه لولا هذا، ولولا أن فيكم مؤمنين باللّه، عابدين له، لما كان لكم وزن في عالم المخلوقات، فإذا اعتدل ميزانكم، وأقيم لكم وزن، فإنما ذلك بفضل المؤمنين منكم.
وفي تسليط حرف النفي {ما} على الفعل {يعبأ} بدلا من لا الذي يتسلط على الفعل المضارع، على حين يتسلط الحرف {ما} على الفعل الماضي- وذلك للمبالغة في النفي، وإنه نفى لازم لا يتعلق بزمن، بل هو واقع في الزمان كله، ماضيه وحاضره ومستقبله، على خلاف النفي بلا الذي يقيّد النفي بالمستقبل وحده، تقول: لا أفعل هذا الأمر، إذا كنت على نية ألا تفعله، حالا أو استقبالا، فإذا قلت: ما أفعل هذا الأمر، كان المعنى، أنه لا يليق بك، ولا ينبغى منك أن تفعله أبدا، وأنه ما كان منك فعله في الماضي، ولن تفعله حالا أو مستقبلا، وعلى هذا جاء قوله تعالى لنبيه الكريم: {قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [86: ص]. أي ليس لى أن أسألكم أي أجر على ما بلغتكم من رسالة ربّى في أي وقت من الأوقات، ومنه قوله في هذه السورة- سورة الفرقان: {قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (75)}.
وعلى هذا، فإن تسلط حرف النفي {ما} على الفعل {يعبأ} يعنى أن خلق الناس إنما كان لحكمة أرادها اللّه، وأنه لولا هذه الحكمة لما اتجهت إرادة اللّه سبحانه إلى خلقهم، وهذه الحكمة هي أن يعبدوه، وفي هذا يقول اللّه تعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [56: الذاريات]، فخلق النّاس، وقيومة اللّه سبحانه وتعالى عليهم، وتسخير ما سخّر لهم، وإنعامه بما أنعم به عليهم- إنما كان ليعبدوه، ولتتجلّى فيهم آيات قدرته، وعلمه، ومن أجل هذا عبأ اللّه سبحانه وتعالى بهم، ونظر إليهم، وجعلهم خلقا من خلقه!!.
وقد يسأل سائل: فيقول: إن أكثر الناس لا يعبدون اللّه أي لا يدعونه، ولا يعترفون بوجوده، فكيف تتحقق حكمة اللّه من خلق الناس؟ وكيف يعبأ بهم، وهم لا يعبدونه ولا يدعونه؟.
وقد أجبنا على هذا الاعتراض من قبل، إذ قلنا: إن الذين آمنوا باللّه، وولّوا وجوههم إليه- وإن كانوا قلّة في النّاس- هم وجه الإنسانية، ومن أجلهم كانت رحمة اللّه بالناس جميعا.
ومن جهة أخرى، فإن الناس جميعا، مؤمنهم وكافرهم، منقادون للّه، طوعا أو كرها، كما يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ} [15: الرعد].
وكما يقول جلّ شأنه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [49: النحل].
فالناس جميعا، والخلق كلّهم، منقادون للّه، خاضعون لسلطانه، مسبحون بحمده، كما يقول سبحانه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [44: الإسراء].
وقوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزامًا} هو تهديد ووعيد للكافرين المكذبين، الذين دعوا إلى عبادة اللّه ليحققو الغاية من خلقهم، ولكنهم كذبوا رسول اللّه وأبوا أن يؤمنوا باللّه، ويوجّهوا وجوههم إليه، فحقّ عليهم العذاب، ولزمهم ما قضى اللّه سبحانه وتعالى به في أهل الكفر والضلال. اهـ.